إنها فكرة الآن في ذهنك، تحدثتَ بها إلى أصدقائك وإلى من هم حولك، ناقشتم بعض الأفكار سوياً، تطرقتم إلى بعض التفاصيل، أتى الدور الآن لتتأكد من مدى فائدتها ومخاطرها، إذاً فقد وصلت إلى مرحلة الأرقام التقريبية، والأسئلة التي يجب عليك أن تجد لها إجابات أكثر دقة وتقوم بتوثيقها على الورق، إنه دور دراسة الجدوى.
ما هي دراسة الجدوى أو بالإنجليزية (Feasibility Study)؟
هي عملية التحليل للمشروع الذي ستقوم به ومن ثم عملية التقييم له من عدة نواحي، وما هو مقدار الربح الذي من المفترض بالمشروع أن يأتي به.
متى يقوم الأشخاص بدراسات الجدوى؟
من المفترض أن يقوم بها أي شخص قادم على إنشاء مشروع جديد، لكن أغلب الأشخاص يتجاهلونها ويقومون بها عند البدء بمشاريع استثمارية كبيرة فقط.
ما هي أهمية دراسة الجدوى؟
تكمن أهمية دراسات الجدوى في أنها تقوم بالإجابة على سؤالين رئيسيين
هل مشروعي يمكن أن يصبح حقيقة على أرض الواقع؟
وإن كانت الإجابة "نعم" يأتي دور السؤال الثاني.
كيف يمكن لمشروعي أن يصبح حقيقة على أرض الواقع؟
أي أن دراسة الجدوى تقوم باستعراض للنجاح والفشل، واستعراض الفئات المستهدفة والمنافسة مزاياهم وعيوبهم، وتقوم بتحديد السمات المميزة التي يجب أن تتوافر في مشروعك ليحقق الأفضلية عن غيره، كما يحتاج الأمر إلى تحليل السوق إلى جانب التحليل الخاص بالمنافسين.
تتم دراسات الجدوى على عدة مراحل أساسية وهي
وضع الهدف للمشروع، لبناء العناصر اللاحقة عليه.
الدراسة وهي بقسمين سنناقشهما لاحقاً في هذا الموضوع.
التحليل، وبناء عليه تُتخذ القرارات.
ما هي أهم الجوانب التي تتناولها دراسات الجدوى؟
العميل
تحليل السوق
المنافسين
التقييم المالي
ما الهدف من دراسات الجدوى؟
تستخدم الشركات الاستثمارية خاصةً الكبيرة منها دراسات الجدوى بهدف جذب الرؤوس الاستثمارية الكبيرة، فكيف يمكن أن تقوم بإقناع الشركاء والمستثمرين بفكرتك؟ إن لم تثبت مدى نجاحها بالأرقام وقدرتها على الثبات، ومميزاتها وعيوبها فإنك لن تستطيع أن تحصل منهم على الدعم الكامل لمشروعك.
ما هي أقسام دراسة الجدوى؟
دراسة الجدوى الأولية، وتكون هذه في مراحل مبكرة من العمل يتم على أساسها دراسة المشروع بشكل مصغر وعلى أساس المردود القادم منه يتم إطلاق الدراسة النهائي، أو القيام بدراسة السوق المنافس وما هي مميزاته وعيوبه فقط ليبنى على نتائجها الدراسة التفصيلية، وعادة تكون هذه الدراسة عند وجود سوق منافس قوي كمجال العقارات.
دراسة الجدوى التفصيلية، وتُسمى الدراسة الربحية، تقوم بدراسة ما حققته نتائج الدراسة الأولى، وبناءً على التحليلات ومشاهدة نتائج القوة والضعف ومدى مطابقة دراسة الجدوى الأولية مع النتائج التي تم تحقيقها يتم إطلاق الدراسة النهائية. وستقوم فيها بدراسات مستفيضة للعديد من النواحي التالية:
الدراسة الفنية، وهي من أوائل الدراسات التي تتم بشكل تفصيلي، وقد تتم بشكل جزئي في الدراسة الأولية، وهي تشمل الطاقم الهندسي المتعلق بالمشروع لتحديد شكل العمل واحتياجاته وتكاليفه ومن ثم يتم عرض نتائج الدراسة بناءاً على معطيات الأبحاث الخاصة بالأمور المالية والتسويقية.
الدراسة المالية، الاحتياجات الفعلية للمنشئآت والاحتياجات المالية للتسويق، وتوقع الإيرادات والأرباح من الجانبين.
الدراسة التسويقية، وفيها يتم دراسة العرض والطلب على المنشآت العقارية.
بالتأكيد يبقى بعد كل هذا نقاط ضعف ومخاطر لكن من المفترض أنك قمت بتحديد طرق التجنب والطرق البديلة للمضي قدماً في المشروع
ما هي الأسباب التي ستدفعني لإجراء دراسة جدوى؟
لا شيءَ يُجبرك على إجراء دراسة جدوى، إن كنت أنت رب العمل بدون شركاء، وإن كانت الخسارةُ لا تشكل فارقاً لديك، وبالتأكيد أنت لا تريد المجازفة، لكن ما إن يدخل معك شركاء فأنت ستحتاجها بكل تأكيدٍ للأسباب التالية:
تعزيز البدائل
تقييم الفرص
تقييم المخاطر
تحديد العقبات المحتملة
توفر المعلومات اللازمة لصنع القرار
تساعد في جلب التمويلات الخارجية والقروض
تساعد في جذب الاستثمار من المساهمين
خطوة دافعة لإتمام المشروع وإنجاحه إن قام بها خبراء موثوقون في المجال.
في حال قيام المشروع لكن توجد رغبة في معرفة مدى توافر الإمكانيات للتوسع
ما هي العناصر الجانبية التي تتضمنها دراسات الجدوى؟
إن كنت تهدف للتوسع الاستثماري والربح في مشروعك دون أن تواجه مشاكل من المجتمع فإن دراسة الجدوى الخاصة بك عليها أن تتضمن بعض العناصر الآتية:
البيئية، المجتمعية، القانونية، الثقافية، وهذه العناصر الأربعة مهمةٌ خاصةً للمنشئات الكبيرة، بينما بعض المشاريع الصغيرة قد لا تتطلب هذه التفاصيل.
ما الذي يجب أن تناقشه دراسات الجدوى العقارية بشكل مستفيض؟
الموقع، في الحقيقة الموقع يقوم عليه الكثير من العوامل الأخرى مثل
تكلفة المساحة
تكلفة المواد الضرورية في البناء
القرب والبعد من الفئة التي نستهدفها
الخدمات والمرافق العامة والخاصة المتعلقة بالفئة التي يستهدفها المشروع
بعض العوامل الأخرى وتعتمد على نوعية المنشأة العقارية.
التكاليف، وهي تنقسم إلى قسمين رئيسيين أيضاً يتعلقان بالموقع وهي
التكاليف الاستثمارية التي تلزم لبدء المشروع وعادة تناقشها دراسة الجدوى الابتدائية
التكاليف التشغيلية ويقصد بها الاستفادة القصوى من المشروع وهي عادة تناقشها الدراسة التفصيلية.
متى ستكون دراسة الجدوى خطوة غير فاعلة ويمكن الاستغناء عنها؟
أن نكون سندخل ضمن سوق تنافسي مضمون النجاح بعامل الوقت فإن إضاعة الوقت في دراسة الجدوى هو طريق الفشل.
أن يكون العمل قائماً بالفعل من سنوات فلا جدوى من دراسته بعد ذلك
إن كان عملنا فيه مشاركة لشركة أخرى، وقد قامت الشركة الأخرى الموثوقة بدراسة للجدوى فلا داعي أن نقوم بها نحن.
ماذا إن أظهرت دراسة الجدوى فشل المشروع، ما هي إمكانيات الاستمرار أو التوقف؟
هذه من أصعب الأمور التي يواجهها صناع المشاريع، لكن عليك التريث قليلاً قبل إلغاء المشروع، الأفكار الجديدة، أو التي تستخدم أدوات وتقنيات جديدة يصعب الحكم عليها فعلياً، فربما يراها البعض فاشلة بالأرقام بينما يراها العقل ناجحة على المدى البعيد، لكن يبقى عامل الخطورة مرتفع في بدايات المشاريع، وتحتاج إلى صبر كبير، كما حدث مع والت ديزني التي تحولت من فكرة فاشلة كما رآها البعض إلى شركة يعمل فيها أكثر من 199,000 موظف في أنحاء العالم، وأصبحت ماركة للكثير من العقارات، الأزياء، الألعاب، أي أن الفكرة التي اعتبرها البعض فاشلة كانت أنجح من أن تستوعبها بعض العقول، لكنها احتاجت إلى ذكاء في الإطلاق والإدارة.
الخلاصة
دراسة الجدوى ليست إلا طريقاً ليسير عليه قادة المشروع، تُحددُ لهم قيمة المنتج، ورغبة الجمهور به، والعقبات التي ستواجههم، والمميزات التي تساعدهم على تخطي العقبات.
إدخال المعطيات، تحليلات ثم نتائج، هي الخطوات الثلاث الرئيسية لدراسة الجدوى، دقة المدخلات يعني مخرجات أقرب للصحة، إذا تغلبت إيجابيات الدراسة على سلبياتها فإن فرص نجاح المشروع كبيرة، أما إذا ارتفع عدد السلبيات على الإيجابيات ولم نستطع تحديد الطرق البديلة أو طرق التخطي لهذه السلبيات فإن الإقدام على المشروع يعني مخاطرة كبيرة وحدوث الفشل أكبر من النجاح.